الجيوبوليتيكا أو علم السياسة الطبيعية هو مصطلح سياسي جغرافي يهدف إلى تفسير تطورات السياسة العالمية من منظور المساحة الجغرافية. وفقًا لهذا المفهوم، فإن مجال العالم الجغرافي محدود وتتنافس جميع الدول فيما بينها للحصول على الموارد اللازمة للبقاء.
يحاول الجيوبوليتيكا فهم العلاقة بين الجغرافيا والسياسة الخارجية، وتم استخدام المصطلح لأول مرة بواسطة العالم السويدي رودولف شلن، وعلى الرغم من أن الجغرافيون وعلماء السياسة درسوا تأثير الجغرافيا على السياسة الخارجية، إلا أن استخدام المصطلح قد انخفض في الأيام الحالية.
في بداية القرن العشرين، قدم الجغرافي البريطاني سير هالفورد ماكيندر نظرية تؤكد أهمية الدول ذات المساحة الكبيرة في السياسة الدولية حيث أطلق على قارات أوروبا وآسيا وإفريقيا اسم “جزيرة العالم”، واعتبر المناطق الأخرى توابع لهذه الجزيرة،وأشار إلى أن قلب الأرض يقع في أوروبا وآسيا، بما في ذلك ألمانيا وروسيا، وأن السيطرة على هذا القلب هي مفتاح القوة العالمية.
أضاف العالم الأمريكي نيكولاس سپايكمان أن السيطرة على المناطق المحيطة بالقلب، والتي يطلق عليها “أراضي الطوق”، مثل غرب أوروبا والشرق الأوسط وجنوب وشرق آسيا، لها أهمية كبيرة أيضًا.في ألمانيا، اندمجت نظرية ماكيندر مع نظريات الجغرافيين الألمان، خاصة كارل هاوزهوفر، وتطورت الجيوبوليتيكا في ألمانيا إلى علم خاص بهم.
وقد حاول هاوزهوفر وآخرون إثبات أن الدول ذات المساحات الكبيرة يجب أن توفر مساحة للهجرة وإنشاء دول قارية فعالة بينما حاول الزعيم الألماني أدولف هتلر تطبيق نظريات الجيوبوليتيكا هذه في ألمانيا وباقي المستعمرات
.من بين الرواد الأكثر أهمية في علم الجيوبوليتيكا، يمكن ذكر فريدريش راتسل الذي قدم نظرية جيوبوليتيكية واجهت انتقادات كبيرة، حيث كان تفسيره لالجيوبوليتيكا يحمل عناصر عديدة من العوامل الاقتصادية والعسكرية والثقافية والجيوسياسية إذ اعتبر الجغرافيا والموقع الجغرافي للدولة أحد العوامل الرئيسية التي تؤثر على السياسة الخارجية والعلاقات بين الدول ومن الممكن أن تتأثر السياسة الخارجية للدولة بعدة عوامل جغرافية، مثل الموارد الطبيعية المتاحة في أراضيها والتي يمكن أن تؤثر على القوة الاقتصادية والعسكرية للدولة على سبيل المثال، الدول التي تمتلك موارد طبيعية غنية مثل النفط أو المعادن الثمينة قد تكون لها قوة اقتصادية أكبر وتكون لها قدرة أكبر على التأثير في العلاقات الدولية.
بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤثر الموقع الجغرافي للدولة على سياسة الأمن والدفاع لديها. فالدول التي تقع في مناطق استراتيجية مهمة مثل الممرات المائية أو الطرق التجارية الحيوية قد تسعى لتعزيز قدراتها العسكرية لحماية مصالحها الاستراتيجية.علاوة على ذلك، تتأثر الدول بالعلاقات الجارية مع دولها المجاورة والتي يمكن أن تتأثر بالجغرافيا أيضا فالدول التي تحدها دول مستقرة وتعاونية قد تكون أكثر استقرارًا وأمانًا، بينما الدول التي تحدها دول مضطربة أو متنازع عليها قد تواجه تحديات أمنية وسياسية إضافية.
ومن الجدير بالذكر أن الجغرافيا ليست العامل الوحيد الذي يؤثر على السياسة الخارجية، فهناك عوامل عديدة أخرى مثل الثقافة والتاريخ والعوامل الاقتصادية والدينية والأيديولوجية التي تلعب دورًا في تشكيل سياسة الدولة وتفاعلها مع العالم الخارجي .