القانون الدستوري هو القانون الأساسي للدولة الذي ينظم قواعد الحكم، ويوزع السلطات، ويبين اختصاصات كل منها، ويضع الضمانات الأساسية لحقوق الأفراد وحرياتهم، ويبين مدى سلطان الدولة عليهم بما يحقق التعايش بين السلطة والحرية. وهذا يعني أن هناك أسساً و مبادئ عامة يقوم عليها نظام الحكم، وتنظم في الوقت نفسه أداء السلطات التشريعية و التنفيذية والقضائية لوظائفها باعتبارها مظاهر لأصل واحد هو السيادة العامة، ويتناول القانون الدستوري دراسة هذه المبادئ العامة حتى يمكن تحقيق الوحدة والانسجام والتناسق في أداء هذه الوظائف الثلاث.
ولا تعد الأهداف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي يوجهها المشرع الدستوري لتلك السلطات كي تسير على هديها في رسم السياسة العامة للدولة في وقت معين من قبيل الموضوعات الدستورية بطبيعتها؛ لأنها لا تتصل بتنظيم السلطات العامة في الدولة، وإن كانت هذه الأهداف تمثل الأساس المذهبي للدستور الذي تفسر نصوصه على أساسها.
مصادر القاعدة الدستورية
تنقسم الدول من حيث مصدر القواعد الدستورية فيها إلى دول ذات دساتير عرفية، وأخرى ذات دساتير مكتوبة، ويقصد بالأولى تلك التي تعتمد قوانينها الدستورية على القواعد العرفية مصدراً أساسياً لها، أما الثانية فيقصد بها الدول التي يستمد قانونها الدستوري قواعده الأساسية من وثيقة دستورية مدونة.
ويلاحظ أن تقسيم الدول إلى دول ذات قوانين دستورية مكتوبة، وأخرى ذات قوانين دستورية عرفية إنما هو تقسيم نسبي وغير مطلق؛ إذ لا توجد قوانين دستورية مدونة بصفة مطلقة، ولا قوانين عرفية بحتة في دولة من الدول.
سمو القانون الدستوري
يسمو الدستور على غيره من التشريعات، ولهذا السمو مظهران: مظهر موضوعي وآخر شكلي، ويترتب السمو الموضوعي بسبب ما يتضمنه الدستور من تنظيم اختصاصات الحاكمين، فالدستور هو المصدر القانوني لجميع السلطات والاختصاصات، فهو بالضرورة أعلى من الهيئات المكلفة ممارستها، وعليها لا يمكن لهذه أن تخالف أحكام القانون الدستوري، من دون أن تهدم الأساس القانوني لاختصاصها. أما السمو الشكلي فهو ينتج من عدم إمكانية المساس بالقواعد الدستورية بالتعديل، إلا وفقاً لإجراءات خاصة تختلف عن إجراءات تعديل القوانين العادية الصادرة عن البرلمان؛ لذلك يقال إن الدستور في هذه الحالة دستور جامد- كما هي الحال في فرنسا- ولكن ليس ذلك قاعدة عامة، فهناك بعض الدول يتم تعديل القانون الدستوري فيها بالطرق الموضوعة لتعديل القواعد القانونية العادية؛ لذلك يطلق على هذه الدول «الدول ذات الدساتير المرنة» كما هي الحال في بريطانيا.
انتهاء القانون الدستوري
هناك أسلوبان لانتهاء الدساتير: عادي وثوري:
ـ الأسلوب العادي: وذلك حين تجد الأمة، باعتبارها صاحبة السلطة التأسيسية الأصلية، عدم مسايرة القانون الدستوري القائم للتطورات والظروف السائدة في المجتمع، فتقوم بإلغاء الدستور القائم، وتضع دستوراً جديداً يحقق أهدافها ويتماشى مع التطور.
وواضح أن هذا الأسلوب العادي في إنهاء القاعدة الدستورية يرتكز على إرادة الأمة بالذات، ولكن الشعب يفتقد الأداة التي يعبر فيها عن إرادته تلقائياً في الأحوال العادية، مما يترتب عليه أن يتم اقتراح إلغاء الدستور ابتداء من جانب السلطة الحاكمة القائمة على أن يوافق الشعب على ذلك عن طريق الجمعية التأسيسية أو الاستفتاء الشعبي Le référendum public.
ـ الأسلوب الثوري: وهذه الوسيلة غير طبيعية لإنهاء القواعد الدستورية، إذ ينتهي القانون الدستوري النافذ في دولة ما بالثورة، من حيث كونها تحمل معاني الانقضاض على الأسس القديمة للدولة، وتهدف إلى تحقيق تغيير جذري و أساسي في النظام السياسي و الاقتصادي والاجتماعي، لذلك فإن نجاح الثورة يترتب عليه إسقاط الدستور لتعارضه مع النظام الجديد الذي تهدف إليه.
الضمانات الدستورية
هناك العديد من الضمانات التي تكفل تطبيق القانون الدستوري والحفاظ عليه من العبث والتعديل ، ومن بين هذه الضمانات:
– الرقابة الدستورية: وهي رقابة قضائية تهدف إلى ضمان احترام القوانين والقرارات الإدارية للدستور، وتتم هذه الرقابة من قبل محكمة دستورية أو مجلس دستوري مختص.
– المحكمة الدستورية: وهي محكمة مختصة بالفصل في المنازعات الدستورية، وتتمتع باستقلال تام عن السلطتين التشريعية والتنفيذية.
– الاستفتاء الشعبي: وهو وسيلة من وسائل الديمقراطية المباشرة التي يتم من خلالها استشارة الشعب في المسائل الدستورية الهامة.
– الجمعية التأسيسية: وهي هيئة مؤقتة منتخبة من الشعب مهمتها وضع دستور جديد للدولة أو تعديل الدستور الحالي.
مراجع للمزيد من المعلومات:
ـ رمزي طه الشاعر، النظرية العامة للقانون الدستوري (القاهرة 1996).
ـ محمد كامل ليلة، النظم السياسية (دار الفكر العربي، القاهرة 1971).
ـ كمال الغالي، القانون الدستوري والنظم السياسية (مطبوعات جامعة دمشق، دمشق 1989)