سواء أكان النظام المؤسساتي للدولة برلمانيا أو رئاسيا أو شبه رئاسيا أو كان شكلها بسيطا أو مركبا ،فان للأحزاب السياسية دورا مهما في سير وتنظيم الحياة السياسية في هذه الدول ،وهي بدلك طرف فاعل بالغ الأهمية.

مفهوم الأحزاب السياسية

إن الحزب السياسي هو إطار تنظيمي لمجموعة من الأفراد متحدين في أفكارهم وأرائهم ومعتقداتهم بواسطة العمل لبلوغ غاية ممارسة السلطة السياسية في الدولة و الحزب السياسي وفق هدا المفهوم يعد بمثابة مؤسسة متوفرة على خصائص أبرزها الديمومة والاستقرار و الاستمرارية والشخصية المعنوية و القدرة والفعالية على المنافسة السياسية مع غيرها من المؤسسات المتشابهة.
ويعد الحزب منظمة طويلة الأمد ذات هيكلة كاملة على المستويات المحلية و الجهوية و الوطنية ،تسعى إلى الحصول على التأييد الشعبي بغاية الوصول إلى الحكم وهذا ما جعل الحزب يختلف عن التنظيمات الأخرى كالطائفة والرابطة والزوايا والنقابات وجماعات الضغط.

ومن ثم غدت الأحزاب و الانتخابات من الإطارات التي يصعب الفصل فيما بينها خصوصا فيما يتعلق بترسيخ وتوسيع فكرة الديمقراطية.
وعليه يمكن تعريف الحزب السياسي كذلك بوصفه جماعة منظمة قصد المساهمة في الحياة السياسية تهدف للوصول الكامل أو الجزئي على السلطة وتعمل على نصرة أفكار ومصالح أعضائها.

– نشأة الأحزاب وتطورها

إن ظهور الأحزاب السياسية ارتبط بظاهرة انتشار الأنظمة النيابية في أوروبا الغربية في ق 19 حين انتشرت جماعات منظمة تضم أعضاء الجمعيات النيابية،لتتحول بعد دلك لتتخذ شكل أحزاب لها أسماء وتعبيرات عملت على بلورة الأفكار التي يريد أعضاءها أيصالها وتبليغها .كالديمقراطيين والجمهوريين و الليبراليين….

وفي النصف الثاني من ق 19 اتسعت مشاركة المواطنين في الحياة السياسية بعد تضمين الحق في الاقتراح الذي أصبح يشمل العديد من الطبقات الإجتماعية الشيء الذي ساهم في بلورة المناخ لتدعيم وتفعيل وتطوير الظاهرة الحزبية حيث أصبح تشكيل الأحزاب ووضع هياكلها ونواتها الأساسية مسألة تعدت نواب وممثلي الأمة لتصبح شأنا يهم كافة المواطنين.

غير أنظروف نشأة وتطور الأحزاب السياسية بالنسبة للدول المتخلفة لم تكن مشابهة للوضع العام الذي مرت به الدول الغربية على اعتبار انه من الناحية الوظيفية فإن مهام الأحزاب السياسية في دول العالم الثالث كانت تهدف إلى التحرر الوطني ومناهضة الاستعمار والفساد وكافة أنواع التسيب لبناء مبادئ وقيم المشاركة في الشؤون العامة لما بعد الاستقلال السياسي وتأطير المواطنين وتنظيمهم وتمثيلهم.

وخلاصة القول هي أن الأحزاب السياسية ظاهرة حديثة النشأة ارتبط ظهورها في ق 19 على الصعيد الاروبي بعاملين اثنين

-العامل الأول : توسيع حق الانتخاب وتوسيع صلاحيات البرلمان الذي دفع لتأسيس الأحزاب كصلة وصل بين النواب وناخبيهم لضمان إعادة انتخابهم وبين النواب أنفسهم لتوحيد مواقفهم السياسية.

-العامل الثاني: هو سعي النقابات وأرباب العمل و المصالح والجماعات الدينية لإنشاء أحزاب تصل من خلالها للحكم .

– وظائف الحزب السياسي

في جميع الأنظمة السياسية فان الأحزاب السياسية تقوم بمهام متعددة منها التاطير السياسي والمشاركة السياسية ونشر الوعي الوطني والحقوقي على الأخص. ووضع السياسات العامة وعليه تعد الأحزاب السياسية من مؤسسات المجتمع المدني التي تلعب دورا بارزا الى جانب الهيئات النقابية والجمعيات والوداديات في تأطير المواطنين وتنظيم تصوراتهم السياسية وتمثيلهم والدفع بهم للمشاركة في الشأن العام للدولة والمجتمع والمساهمة في اتخاذ القرار السياسي على الصعيدين الوطني والمحلي..

أي ان الأحزاب السياسية تعد مدارس حقيقية لتعلم الحكم أو المعارضة وهي بذلك تساهم في تكوين طبقة سياسية تحكم البلاد حيث غدت الأحزاب بمثابة المسلك الضروري لبلوغ المناصب الحكومية الانتخابية.
وتعمل الأحزاب كذلك على تجسيد مطالب وطموحات الشرائح الاجتماعية المختلفة المتعاطفة والمؤازرة لمبادئها وتحويل تلك المطالب والطموحات إلى برامج سياسية وخطط اقتصادية واجتماعية قابلة للانجاز عند فوز الحزب وجعلها سياسة عامة تبلورها على أرض الواقع الحكومة القائمة .

ويبقى أيضا من باب تحصيل الحاصل دورها الأساسي والريادي في ممارسة الرقابة السياسية على المزاولين للسلطة والمتقلدين لزمام الحكم دعما للديمقراطية والحرية والتناوب كقيم مثلى سائدة داخل مؤسسات الدولة والمجتمع في نفس الوقت.

وللحزب كذلك وظيفة مغايرة تتجسد في دورها الإعلامي وذلك لأن الحزب هو إطار غير محايد ومن المفروض فيه أن يتابع نشاط السلطة ومراقبة أعمالها والاستعداد للتأثير عليها بالحوار أو بالضغط ويبدوا من هذه الزاوية أن الدور الإعلامي للحزب مسألة أساسية يفرضها الواقع في علاقته بالمجتمعين المدني و السياسي ومنه يشترط لكل حزب أن تكون له صحيفته الخاصة.

-تصنيفات الأحزاب السياسية

تختلف تصنيفات الأحزاب السياسية انطلاقا من ثلاثة مقاييس حددت في –المشاركة –التنظيم- والتعبئة أو الأساس الاجتماعي… وبدون الخوض في هذه النماذج سنقتصر على التصنيفات الحديثة للأحزاب السياسي

1- الحزب التجمعي :وهو حزب لا يهتم كثيرا بالإيديولوجية أو بتكوين مناضلين بل يتميز بديمومة النشاط ومرونة المذهب ليتمكن من استقطاب عدة أفراد وجماعات معزولة .

2-أحزاب المناضلين : ويهدف هذا الصنف إلى توسيع وتمتين قاعدته الاجتماعية بكل اللذين يقتنعون بفلسفته ومبادئه من أجل تكثيف نشاطهم السياسي الجماعي وفق بنية تنظيمية محددة ووفق إستراتيجية سياسية.

3-حزب الأعيان : وهو إطار مفتوح لصفوة المجتمع والنخبة النافذة فيه سيما على الصعيد المالي و الاقتصادي . وما يهدف إليه ليس توسيع قاعدته الاجتماعية كميا وعدديا بل تمتينها نوعيا باستقطاب الأعيان،وهو حزب ضعيف من الناحية التنظيمية ويقع تحت سيطرة الأطر ونشاطه يبرز أثناء الحملات الانتخابات .

4-أحزاب الناخبين : وهو حزب يتجه إلى الناخبين بعمله السياسي،إذ ينصب على الرهان الانتخابي حيث لا يهتم بالإيديولوجية من اجل توحيد أعضائه ولا ينتقد النظام السياسي والاجتماعي الذي يعمل في اطاره ،كما يعمل على مناصرة المرشحين والعمل على استقطاب أوسع هيئة انتخابية.

عموما فان الأحزاب السياسية في العصر الحاضر تشكل عنصرا أساسيا في أي نظام سياسي بل لقد أصبحت قوة سياسية منصوص على شرعيتها في دساتير الدول نفسها…

Leave a Reply

Discover more from السياسية

Subscribe now to keep reading and get access to the full archive.

Continue reading